
تحل اليوم الذكرى السابعة عشرة لرحيل الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش (1941 – 2008)، الذي حمل فلسطين على أجنحة القصيدة إلى لغات العالم وضمائر أحراره. شاعرٌ جمع في قصيدته الغضب، والتعب، وحنين الابن إلى خبز أمه، وأحاط الأرض ببحر من الشعر يموج بالحرية والانتماء.
ولد محمود درويش في قرية البروة بالجليل، وعاش طفولة بين التهجير والعودة، بين الغياب القسري والتمسك بالهوية. ومنذ ديوانه الأول “عصافير بلا أجنحة” عام 1960، وحتى آخر عمل شعري “أثر الفراشة” عام 2008، ظلّ صوته يتردّد في أروقة الثقافة العربية والعالمية، شاهداً على أن فلسطين حكاية تُروى، وأغنية تُغنى، وقصيدة تُقاوم.
كان محمود درويش صوتاً سياسياً ووطنياً بارزاً، حيث صاغ ببلاغته وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تلاها الشهيد الراحل ياسر عرفات في دولة الجزائر عام 1988، فحول درويش النص السياسي إلى بيان إنساني، جمع بين وضوح الموقف وسمو الكلمة، وجعل من فلسطين حاضرة في لغة العالم كحلم مشروع بالحرية والسيادة والقرار.
وقد اعتادت وزارة الثقافة الفلسطينية أن تجعل من ذكرى ميلاد درويش في الثالث عشر من آذار موعداً للاحتفاء بيوم الثقافة الوطنية، حيث تنطلق الفعاليات في كافة محافظات الوطن والشتات، وتُقام الندوات والمعارض والأمسيات تخليداً له. لكن بسبب حرب الإبادة المستمرة على شعبنا منذ عامين فرضت واقعاً أليماً، لتقتصر فعاليات هذا اليوم على إعلان “شخصية العام الثقافية”، كفعل رمزي يحافظ على استمرارية الرسالة الثقافية.
واليوم، في ذكرى رحيله، يتقاطع الحزن على فقدان قائمة شعريةٍ عالية مع وجع الحرب التي يعيشها شعبنا، حيث تتعرض فلسطين بأكملها لعدوان وحشي يستهدف الذاكرة والهوية. لذا تستذكر وزارة الثقافة درويش بوصفه شاهداً على أن الثقافة فعل مقاومة.
إن وزارة الثقافة، تجدد العهد على حماية الإرث الثقافي الفلسطيني، ومواصلة رسالتها في نشر الكلمة الحرة، وصون الذاكرة الجمعية، وإلهام الأجيال القادمة بما تركه درويش من وصايا شعرية ووطنية. لقد رحل الجسد، لكن القصيدة باقية بين الناس، وتذكرهم أن الحرية تبدأ من كلمة.