الرئيسية » الأخبار »   17 تشرين الأول 2011طباعة الصفحة

كلمة وزيرة الثقافة سهام البرغوثي في "برنامج فلسطين 2011" في أوسلو

شرف لي ان اشارككم في هذه التظاهرة الثقافية الخاصة بالثقافة الفلسطينية هنا في اوسلو مع اصدقائنا/ صديقاتنا الادباء والفنانين النرويجيين /ات في اطار "برنامج فلسطين 2011" الذي ينظم بشكل مشترك بين اصدقائنا النرويجيين عبر مؤسسة TrAP”" وشريكتها الفلسطينية مؤسسة صابرين، وفي هذه المناسبة لا بد من تسجيل كل الشكر والتقدير لكلتا المؤسستين لهذه الدعوة الكريمة ولهذا الجهد في بناء الجسور بين المثقفين وافساح المجال واعطاء المساحة للمبدعين والمبدعات الفلسينيين في عرض انتاجهم الثقافي ولتعميق العلاقة وتعزيزها بين المثقفين الفلسطينيين والمثقفين النرويجيين.

لقد جاءت فعاليات هذا البرنامج في الوقت الذي يستعد الشعب الفلسطيني وقيادته بخوض معركة سياسية للحصول على العضوية الدائمة في هيئة الامم المتحدة لدى انعقاد الجمعية العمومية في دورتها السادسة والستين، ونحن على ثقة بالموقف النرويجي الرسمي والشعبي الدائم في اسناد ودعم حقوق الشعب الفلسطيني، حقه في تقرير المصير كبقية الشعوب الحرة، وحقه في اقامة دولته المستقلة على حدود 67 والقدس عاصمة وحق عودة اللاجئين وفقاً لقرار 194.

ان هذا البرنامج "فلسطين 2011" هو احد مكونات لبرنامج التعاون الفلسطيني – النرويجي على امتداد سنوات طويلة سواء على الصعيد الحكومي او على صعيد مؤسسات المجتمع المدني – وفي عدة مجالات ومن ابرزها في المجال الثقافي.

مما لا شك فيه ان هناك علاقة مميزة بين الشعبين النرويجي والفلسطيني وعلى المستوى الرسمي ايضاً، وتأتي هذه العلاقة في اطار التعاون الدولي بين الدول وعلى صعيد التعاون الثقافي بين الدول.

ان الثقافة هي التي تميز بين مجتمع وآخر وعليه فان التعاون الثقافي يستند الى العهود والمواثيق والاتفاقيات القائمة التي تحكم عمل المنظمات والمؤسسات الدولية والاقليمية التي نصت على اهمية حماية التنوع الثقافي وان التفاعل بين الثقافات يجب ان يقوم على قيم الاحترام المتبادل وبمفهوم الندية والمساواه استناداً الى الشرعية الدولية والى قواعد القانون الدولي التي تشكل القواسم المشتركة بين جميع الشعوب والحكومات في هذا العالم.

ان التفاعل الثقافي بين الشعوب بمثابة فعل انساني مؤثر في حركة التاريخ وعنصر مساعد على تحقيق التقدم والتنمية والامن والسلام وقوة دفع لاستقرار الحياه الانسانية ورقيها....لقد اضحى التنوع الثقافي اليوم قاعدة من قواعد القانون الدولي...وذلك استناداً الى ميثاق الامم المتحدة الاتفاقيات التي تحكم علاقات التعاون الثقافي بين المجموعة الدولية في كفالة هذا الحق من حقوق الانسان....تأكيدا على خصوصية الثقافة لكل شعب من شعوب العالم وابراز للهويات الوطنية ذات السمات الحضارية التي تشكل في مجموعها الهوية الانسانية العامة...وهذا ما جاء في اعلان مباديء التعاون الثقافي الدولي في المادة الاولى :

  1. لكل ثقافة وكرامة وقيمة يجب احترامها والمحافظة عليها
  2. من حق كل شعب ومن واجبه ان ينمي ثقافته
  3. تشكل جميع الثقافات بما فيها من تنوع خصب واختلاف وتأثير متبادل، جزءاً من التراث الذي يترك في ملكية البشر جميعاً.

والآن وأمام قدرة الثقافات الاقوى تكنولوجياً على السيطرة على الثقافات الاضعف تكنولوجيا حيث بدأت التكنولوجيا تلعب دورا مؤثرا ليس على نطاق محلي بل على نطاق عالمي، فعولمة الثقافة هي محاولة مجتمع تعميم نموذجه الثقافي على المجتمعات الاخرى من خلال التأثير على المفاهيم الحضارية والقيم الثقافية فهناك اختراق ثقافي للمجتمعات ومحاولة اعادة صياغة قيم وعادات جديدة تؤسس لهوية ثقافية اخرى لهذه المجتمعات مهدده هويتها....ان هيمنة ثقافة معينة تنتجها مصالح الاقوياء لذا فنحن امام وضع معقد، فمع اهمية التفاعل الثقافي بين الثقافات الانسانية شريطة الحفاظ على الخصوصية الثقافية والهوية الثقافية المميزة لكل شعب من شعوب العالم.

 

اما خصوصية الواقع الثقافي الفلسطيني فلقد تأثرت الثقافة الفلسطينية بعد عام 1948 بالواقع السياسي والاقصادي والاجتماعي والثقافي في كل مجتمع فلسطيني او جالية، كان من ابرز نتائج التشتت وغياب التشكيلة الاجتماعية-الاقتصادية – السياسية الواحدة غلبة الانتاج الثقافي الذي لا يحتاج الى بنية مؤسساتية كالشعر والرواية والقصة واللوحة الفنية والكاريكاتير والنقد الادبي – من الواضح ان كل تجمع فلسطيني يجد نفسه تحت تأثير حقول سياسية واجتماعية وثقافية وقانونية تبعاً لسياسة الدولة وثقافة المجتمع الذي تعمم فيه – وليس هذا بالواقع السلبي بالضرورة اذا ما نظر اليه من منظور تنوع المؤثرات على المنتج الثقافي وتنوع تعبيراته.

وهذا ولد الحاجة الى توليف بنية ثقافية مرنة تربط بين المؤسسات الثقافية داخل الوطن والشتات وهذا ما حاولت الخطة الاستراتيجية لقطاع الثقافة والتراث 2011-2013 من استنباط اليات تعاون بين المؤسسة الرسمية ودوائر م.ت.ف والاتحادات والروابط الشعبية بهدف مأسسة العمل الثقافي ان الثقافة الفلسطينية ثقافة واحدة ...ان هذه الخطة قد اتخذت شعاراً "للشاعر الكبير محمود درويش" "من يكتب حكايته يرث ارض الكلام".

وعلى الرغم من هذا الواقع فان الثقافة الوطنية الفلسطينية قالت لا للانقلاع والتشتت لا للاحتلال والاستيطان منذ البداية واقومت وبقيت تقاوم بالكلمة واللوحة واللحن عبر المسرح والسينما والادب، واحرزت تفوقاً اخلاقياً وانسانياً بصنع ادارة مصممة على الحرية.

فبفعل رواد الثقافة الفلسطينيين وهم كثر، صنعت عناصر قوتنا وتحولت الثقافة الى قوة ورافعة كبرى للنضال الوطني. حيث استحضروا كل عناصر قوتنا وتفوقنا.

وبفعل دورهم الريادي تغلبت قوة الثقافة على ثقافة القوة وازداد الشعب الفلسطيني تماسكاً وثقة بعدالة قضيته في المواجهة غير المتكافئة.

فالثقافة الفلسطينية هي ثقافة التعدد والتنوع والانفتاح والتواصل الانساني اغلاق مع كل الثقافات والحضارات.

وهنا لا بد من التطرق عما يجري في مدينة السلام /مدينة القدس عاصمة دولتنا فقبل قرن من الآن كانت القدس مركزاً ثقافياً وروحياً وسياسياً للشعب الفلسطيني ومنذ 44 عاماً والاحتلال الاسرائيلي يمعن في طمس المعالم والهوية الثقافية للمدينة ويقوم بتنكيل وحدتها الجغرافية والديمغرافية وبعزلها وتحويلها من مركز ثقافي روحي الى مدينة محاصرة ومعزولة بحظر عليها التطور وتخضعها لعملية تهويد وضم في محاولة لقطع الطريق بأن تستعيد القدس مكانتها التاريخية والحضارية وبأن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.

  • اما حول رؤية الوزارة حول تعزيز التعاون الثقافي استناداً الى رؤية الوزارة "ثقافة وطنية عربية انسانية ديمغرافية مبدعة ومتجددة تحترم وتصون التعددية الفكرية والسياسية والدينية والجمالية والمنفتحة على الثقافات الاخرى وتصون التراث والحكاية التاريخية للشعب الفلسطيني وتنمي المواطنة القائمة على احتضان قيم المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية.

فقد سعت الوزارة لتعزيز التعاون الثقافي وذلك من خلال تنفيذ برنامج جسور:

  1. اتفاقيات ثقافية وتبادل ثقافي مع الدول
  2. المشاركة في معارض الكتب الدولية
  3. توسيع المشاركة في تمثيل فلسطين في المهرجانات الدولية والاقليمية
  4. توسيع المشاركة في المحافل والمؤتمرات الدولية والاقليمية
  5. استضافة فرق فنية وادباء الى فلسطين